الأحد، 2 أغسطس 2009

أيها القارئ .. لاتعجب !! " الجزء الثاني "

بعد أن أغلق القدر ستارته الأولى
وانتهى من حكايتي أنا
يُعدُّ القدر نفسه
ليقص لكم الحكاية الأخرى
حكاية أنا

وكما كل الحكاية
تبدأ حكاية أنا
بتعريف بسيط للشخصيات
أنا .. المجهول الأول في الحكاية
هي .. الأنثى الوحيدة في الحكاية
القدر .. بطل الحكاية
الشمس .. رفيقتنا الأولى

وكنحاتٍ محترف
يبدأ القدر بنحت الشخصيات مجتمعة .

وكأي فنان أو رسام
يبدأ القدر بتجميل ما يريد هو أن يبدو جميلاً
فيلون " هي " بأجمل الألوان الفاقعة
ويقول لها كوني أنثى

وكأي شاعرٍ مغرورٍ
يبدأ القدر بمديح طويل عن نفسه
فيبدأ بجذب الأنظار إليه
عبر ما يصنع من مصادفات.

وكأي مخرج سينمائي
يضع القدر " الشمس " في كل مشهد
وفي كل لقطة .

وكأي طفلٍ صغير
يبدأ القدر بالغيرة من كل من حوله
ويرسم هالة غامضة حول " أنا "
ينتهي القدر من تعريفه الخاص بالشخصيات
ثم ..
تبدأ الحكاية

تبدأ الحكاية بي
بي " أنا "
يضع القدر ملابسي عليّ
"ما يغطي عورتي فقط"
طويلٌ هو شعري
ولحيتي كذلك
صدري تحرقه أشعة الشمس صيفا
ويتساقط عليه الثلج في كانون
كأني ثالث إنسان وجد على الكرة الأرضية
بدائي !
هكذا أرادني القدر
أخجل من نفسي إذا ما علمتُ يوماً بوجودها
" أنا " كانت حولها هالة من الغموض الغريب
والأغرب .. ما كان يعتري الغرابة من وضوح!

أيها القارئ لا تمل
سأتلو عليك ما تريد
ما جئتَ إلى هنا لسماعه
تود سماع فضائح النفس
فما الشعر سوى الإفصاح عن خبايا النفس
وأجمل الشعر فاضحه

لا .. لن أفضح " أنا "
بل سأفضحك أنت أيها القارئ
تقرأ سطوري علّك تجد خطأ إملائيا
أو خطأ بلاغي أو أدبي
ستجد ما تريد
ولكن أين ستصبح من " أنا "
"أنا" التي أريد أن أقول لك من هي
"أنا" التي أريد أن يعرف الجميع من هي
"أنا" التي قتلتها " هي "

أيها القارئ .. حسبك !
توقف هنا
فليس لكَ بعد الآن من كلماتٍ تقرأها
فالتالي هو سري الصغير
الذي أخفته " أنا" عني
هكذا أنا .. كلّي تضاد

كنت " أنا "
وكانت " أنا " تعني " أنا "
دون أي إضافات غريبة
تخفي معناها
كنتُ العاري
دون الإزار .

كنتُ الشاب الأسمر
في حكاية " أنا "
وفي الفصول الأولى
أيها القارئ ..
أعلم أنك بدأت تمل
فالملل سمة القصص التي يحكيها القدر
ولسوف تجد التكرار يعتليها بحجة أن التاريخ يعيد نفسه
هذه لعبة أخرى يلعبها القدر لجذب الأنظار إلى قدراته
أيها القدر .. ترفق بي
هوّن عليك !!
فما أنا إلا " أنا "

ألا تذكر يوم أن ولدتُ أنا في السابع من أيلول الأسود
في عام انتفاضة بشعة
فخرجتُ أنا أبشع منها
وأسود من أيلولها
وسماني قدري "أنا"
صبغي جلدي بالأسمر
وكل عينَي بلون أسود
وطلى فروة رأسي بشعري الأسود القاتم
وأخذت تداعبني السنين
بحلوها
وبحلوها فقط
وبدأت أظافري تخدش حيائي شيئا فشيئا
حتى أكمل القدر طلاءه
وأضاف لي شارب ولحية
كنت أحلقهما دوماً
فيكفيني سماري عن سوادهما

بدأ القدر برفع ريشة البراءة من لوحة وجهي
فأكملت العشرين
وتبعتها بواحدة
حتى ينزع القدر كل رحمة أضافها على مر السنين

أيها القارئ .. هل أطلتُ عليك بالحديث
اعذرني ..
فكيف بي أقطع كل سنوات عمري
بسطري شعر !!
ها أنا أسمعك تتذمر
وتقول : وما شأني أنا بسنوات عمرك
أقول لك : إن لم تهمك فارحل
ولكن تذكر كل تلك الوجوه التي تركتكَ بدعوى أن لا شان لها بك
بل لك شأن وشأن عظيم

حكايتي هذه ليست هدية لأحد
فليس هناك من يستحق أن أهديه كل تلك السنوات دفعة واحدة !
يتعبني أسلوب النثر هذا
ولكن "هي " باتت لا تفهم شعري

"أنا" .. كم كنتُ "أنا"
تكبر فيّ السنين كغيري من زهور " الفينكا "
ويمسي لون أوراقي وردي
بلون الحب
بلون الحياة
وأعشق سلمى

ها قد بدأ القدر بحبكة قصصية لحكاية جديدة اسمها " أنا "

أعشق سلمى وتبدأ الحكاية
يمشي ذاك البدائي بين شوارع مضيئة
بين الجسور
وأهرامات الحضارة
بين لوحات الزمن
بين ريشات القدر
فتمسكه ريشة السعادة لترسمه مع أميرة
أو ما كان يظن أنها أميرة
ويبدل ثياب أيلول الأسود بلون وشاح الأميرة
بالرمادي !
يرسم القدر له جنة
جنة وأميرة
والشمس تطلع عليهما كل صباح
وهو يمسك رمحه
لا مزيد من مشاهد العري هنا
فالحب أطهر من الأشياء فيه حتى الحقيقة !!

نعم .. كانت كذبة
ككذبة نيسان
لم يرسمه القدر مع أميرة
بل "أنا " من رسم نفسه معها
و"هي " من رسمت نفسها معه
كفانا تجنِّي على القدر
لم نكن أبطال قصة راويها القدر
أنا من روى كل الحكايات
وأنت أيها القارئ محض شاهد زور ابتعتك لأجل شهادة كاذبة على القدر

أيها القدر .. اعذرني !
فكيف بك تريدني أن أعترف أمام قرائي بأن راوٍ فاشل
وعاشق أفشل
وأني لم أحبها يوما
كما انها لم تحبني يوما
لم نكن نحب بعضنا لولا أن الحب غايتنا
لم أحلم يوما بعينيها السود
ولم تحلم هي بي أداعب أسود شعرها
كنا رواة كاذبين

نعم ..
اعذرني أيها القارئ
وحدي أنا من يجهل " أنا "
ويجهل " هي "
فكيف بك تريدني أن أقول لك من "أنا" ومن " هي "
كاذبٌ أنا
ومدعٍ

أيها القارئ .. لا تعجب
لم يكن هناك من حكاية أحكيها
ولم يكن هناك من سلمى أعشقها
وكيف بي أعشق امرأة لا تحلم بي في نهارها كما ليلها ؟
وكيف أحب امرأة لا تسأل عني القمر كل ليلة ؟
كيف أهوى إمرأة لا تعِد كل شعرة في رأسها بملامسة يد محبوبها!
ولا تعِد عينيها بأن تبقى صورتي فيهما أبد الدهر
نعم ..
أسمعك تقول : كفاك شروط !! أ و هل في الحب شروط !
أقول : نعم .. فأنا إن عشقتها .. أعدت ولادة نفسي من جديد
ليكون عمري ما مضى من عمر لي معها
وليكون اسمي كل ما شابه اسمها أو احتواه
أيها القارئ .. لاتعجب !
أنا إن عشقتها أسميتها نفسي وأسميت نفسي " هي "
"هي " تظن كل الظن أني لها لا محال
وكم هي مخطئة !
فأنا لا يملكني سوى قلبي
فإن لم تملك قلبي لن تملكني
تقسو عليّ .. أسامحها مرارا
تنساني يوما وبما يحتويه من ساعات وثوانٍ
فأذكِّرها بأنها لم تذكرني يومها
حمقاء هي لمَ ترتكب من طيش
خرقاء هي إذا ما غابت عني لحظة
كنتُ أعشقها
وأمسيت الآن فقط أحبها
كنتُ مولعاً بها

يرسل القدر إليها كل يوم خيط من ريشة التعاسة
وهي تلمّها وكل ظنها أنها ريشة السعادة
أيُ سعادةً هذه ببعدها عني
ولسوف ترى الجحيم في كل خطوة تخطوها بغير اتجاهي

ما ظنها ؟؟
أبهذا تقتلني !!
أيتها الأنثى .. فلتعِ جيداً
أنا من صنعك !
وأنا من لو أراد سيقتلك
عِ ذلك جيدا
وكأنها ريشة لن تمسِ الريشات بعدها
سأكسر كل لوحاتي
سأضع يدي في مقلتي لأوقف دمعي
سأضعها في قلبي عن الخفقان باسمك
ثم سأقتلك!
أيها القارئ .. لاتعجب !!
فذاك هو "أنا "
يدعُ القدر لي ريشة النهاية
ثم يرحل

أبقى أنا ..
ومعي سكيني
وبيدي قلبي وقلبها
انتظر ابتسامتها أو أن تشيح بوجهها عني
لأحيي قلبينا أو أجهز عليهما
ينظر إلي القراء كمن ينظر إلى جلادٍ قاسي الفؤاد
وأنظر إلى نفسي كمن يعشق أنثاه !!

هناك تعليقان (2):

  1. هل أفلت ُ مربط الفرس ِ يا صديقي ،
    لربما ذهبت
    وعادت بها إليك ..
    ..
    أحببت اختلافك َ هنا ،
    أنت أنت ..
    وقل على سلمى السلام !!!

    ردحذف
  2. هوّن عليك يا صديق

    أفلت الفرس لربما تعود بها لي

    ولكن سلمى تبقى سلمى رغم اختلافها !



    أما أنت فلكَ مني قبلة صباحية
    أحبك يا صديق

    ردحذف

وللآخرين بوح !!