الأحد، 23 أغسطس 2009

اليوم الثاني

على سريري
ما زلت أرقد
وبجانبي أربعة عشر صنفاً من الأدوية
وكلً له نوع من الألم يخففه
حرارتي ما زالت مرتفعة
وأنفاسي كشخير رجلٍ عجوز
شحوب وجهي كسماء رمادية
تكسوها غيوم الشتاء الثقيلة

على سريري
ما زلت أرقد
وغرفتي تحتضن ما تبقى من وزني
ألفُّ نفسي بكفني
لحاف أبيض ككفني

على سريري
أرتجف
أشعر بالبرد ينخر مؤلم عظامي

أرى وجه أمي
من بعيد تطل
تقترب من غرفتي
تقف حيث لا أراها
تبكي ..
وتبكي ..
حتى إذا ما سمعتُ صوتها
هربت تخفي دمعها عني

على سريري
لا أعلم إن كان سرير الشفاء
أم آخر سرير أرقد فيه

على سريري
أحلم ،
أهذي،
أهمس ..
باسمها
باسم مولاتي ..

على سريري
أرى ما لم أكن أتخيل يوما بأن أراه
رأيت جمال غرفتي
لها بابان
واحد شرقي والآخر غربي
وشباك خشبي يطل على الشمال
ومروحة تعلق نفسها في السقف
وكأنها تشنق نفسها حزنا علي

على سريري
أسمع كل ما تمنيت أن أسمعه
من جمال الطبيعة
زقزقة العصافير صباحاً
لم أكن لأسمعها
لو أنني نمتُ ليلة بعد مرضي

على سريري
أرقد كما أنا
لا يشوبني شيء
ولا أختلف في شيء عن سابق عهدي
سوى بضع آلام أداويها
وبضع سكرات موت أتنفسها قبل رحيلي

على سريري
سرير الموت !
أرقد

الآن..
علمت بأن جميع الأسرَّة
ما هي إلا أسرّة موت
ولكن بميعاد

على سريري
يأتي الطبيب كل صباح
يقول لي : كيف أصبحت ؟
أقول كمن أحياه الموت : الحمد لله .. أفضل
يدلي الطبيب ببعض نصائح إلى أهلي
وينصحني بأخذ دواء جديد
كما كل يوم .

على سريري
عذرا !!
فلم أعد أرقد على سريري
ها أنا جالسٌ عليه
لا يشوبني شيء
سوى أنني عزمتُ على أخذ بعض نقي الهواء
قبل سفري الطويل
بين التراب

- أ وَ هل يتنفس الميت ؟
- كفاك سخفاً !
فالميتون أموات
- ولكني أحب الهواء النقي
وحبذا لو كان بارداً
كذاك الهواء الذي داعبنا يوم أن التقينا أنا وسلمى
- إذن خذ ما شئتَ من الهواء
فلن يملأ صدرك سواه

على سريري
ما زلت أحلم بها
أحلم بقدومها
تبذل دمعها ندما على فراقي
أحلم بلمسة من يديها
تجمع أشلائي وتلملم ما اندثر مني من أحلامي
ويُذهب الله بدعائها ثقيل آلامي

سلمى..
مريضٌ أنا
مرضي أنتِ
ومرضي قلبي
ومرضي جسدي
لم أعد أحتمل
فكلُ ما بي يتألم
وما عادت حقن الطبيب تسكِّن ما بي

سلمى ..
أعلم أنك لن تجيبي
ولكني ها قد رفعت يداي عاليا
أدعو ربي
بأن يشفي جسدي من علته
ويشفي قلبي بعودتك

على سريري
ما زلت أحلم بك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

وللآخرين بوح !!